الدرعية- ملتقى التاريخ والتجارة، بوابة لازدهار المنطقة الوسطى

المؤلف: خالد السليمان10.30.2025
الدرعية- ملتقى التاريخ والتجارة، بوابة لازدهار المنطقة الوسطى

في قلب الدرعية، تلك العاصمة العريقة للدولة السعودية، انطلقت فعاليات ملتقى الدرعية الدولي، الحدث البارز الذي نظمته هيئة تطوير بوابة الدرعية تحت شعار "الدرعية عند ملتقى التاريخ والتجارة، دور المنطقة الوسطى في التبادل التجاري". يهدف هذا الملتقى الطموح إلى إبراز الإرث التاريخي والثقافي العميق للدرعية، تلك البقعة التي شهدت نشأة الدولة السعودية الأولى، وتعزيز أواصر التبادل الثقافي والتجاري مع مختلف دول العالم. تتجلى أهمية هذا الملتقى، الذي استضاف نخبة من الباحثين والمختصين من داخل المملكة وخارجها، في تسليط الضوء على المكانة التاريخية المرموقة للدرعية وتأثيرها المتنامي في محيطها الجغرافي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي. وقد تناول الملتقى هذا الموضوع من خلال ثلاثة محاور رئيسة: الأول، استكشاف التراث المادي للتجارة، والغوص في الموروثات الأثرية والمعمارية والبيئية التي تبرز دور الدرعية والمنطقة الوسطى في تعزيز الروابط التجارية التاريخية. أما المحور الثاني، فقد ركز على التراث غير المادي، من خلال تجارب تفاعلية فريدة تتيح للزوار الاستماع إلى تسجيلات حصرية توثق التاريخ الشفوي، والشعر، والأغاني التقليدية، بهدف التعرف على التعبيرات الفنية والتقاليد النجدية الأصيلة التي اشتهرت بها الدرعية كمركز حيوي للتجارة. وأخيراً، غطى المحور الثالث التراث النصي، من خلال تحليل دقيق للمخطوطات وروايات الأسفار والتحولات اللغوية التي توثق الروايات التاريخية والثقافية الغنية في الدرعية والمنطقة الوسطى. وقد أكد الأمير فيصل بن سلمان، المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين ورئيس مجلس إدارة دارة الملك عبدالعزيز، في كلمته القيمة خلال الملتقى، أن الدرعية تجسد رمزية تاريخية وثقافية عميقة، فهي لا تمثل الماضي العريق فحسب، بل هي أيضاً محور رئيسي لرسم ملامح الحاضر واستشراف المستقبل المشرق، ورمز وطني شامخ يعكس وحدة الكيان السعودي. إن المتأمل في نهضة رمزية الدرعية في الوجدان الوطني، منذ تولي خادم الحرمين الشريفين، وإطلاق المشاريع الضخمة للعناية بأحيائها التاريخية وتحويلها إلى مزار سياحي عالمي ومركز ثقافي وطني، يدرك تماماً أن تأثير الدرعية في الهوية الوطنية كان بالغاً وعميقاً، وقد انعكس ذلك جلياً على الاعتزاز بعراقة تاريخ الوطن وعمق تأثيره، ومدى إسهامه الفعال في تشكيل ملامح المنطقة جغرافياً وثقافياً واجتماعياً واقتصادياً. ولا شك أن الاستفادة المثلى من أوراق العمل البحثية القيمة التي شهدتها جلسات ومحاضرات الملتقى في المؤسسات الأكاديمية والتعليمية أمر في غاية الأهمية. وإنني على يقين تام بأن دارة الملك عبدالعزيز، بالتعاون الوثيق مع وزارة التعليم والجامعات ووزارة الثقافة، ستجد في هذه الأوراق مادة ثرية تسهم في إثراء التاريخ السعودي العريق وتعزيز الهوية الوطنية ومشاعر الاعتزاز بها، كما تجلى بوضوح في وجود معرض البحوث الطلابية كمنصة متميزة للطلاب لمشاركة أبحاثهم والتفاعل المثمر مع الخبراء. وأخيراً، أدعو الجمهور الكريم لزيارة المعرض المصاحب للملتقى، الذي يحمل شعار "ذاكرة المطايا" ويستمر حتى 15 ديسمبر، والذي يسلط الضوء على الدور المحوري للإبل في طرق التجارة والسفر، والتأثير العميق في ترسيخ مكانة الدرعية كمركز نابض للتجارة والضيافة الأصيلة.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة